Home » Uncategorized » مزاب في العهد العثماني 1510 – 1830

مزاب في العهد العثماني 1510 – 1830

د. الحاج موسى بن بكير بن عمر
قسم التاريخ – جامعة الجزائر
لما كان المزابيون يهاجرون إلى المناطق الشمالية للجزائر وإلى البلاد التونسية، فقد اعترفت هيئات بلاد مزاب منذ فجر الوجود العثماني بالجزائر بالتبعية للنظام، بموجب اتفاق(1) يكون قد أبرم مع آل بربروس حوالي سنة 1510م حماية لتجارتهم وممتلكاتهم في مختلف أنحاء شمال الجزائر وصونا لقوافلهم التجارية التي كانت تنتقل عبر بلاد الجزائر وتونس والمغرب.
و يمكننا القول إن هذا الارتباط بالدولة العثمانية بالجزائر يعتبر أول وثيقة سياسية ربطت الصحراء الجزائرية بالوطن الجزائري بصفة طوعية قبل وصول السلطة العثمانية إلى منطقة الزيبان وأريغ (بسكرة وتقرت) وقبل وصول صالح باي إلى الأغواط سنة 1785م.
والملحوظ أن السلطة المركزية العثمانية في الجزائر كانت تحتفظ لأهل مزاب بمكانة متميزة وتخصهم بمعاملة راقية، ومرد ذلك إلى مواقف مشهودة وفي مواقع مشهورة سجلها لهم تاريخ الوجود العثماني بالجزائر وتونس.
المزابيون في تونس
كان للشيخ باحيو بن موسى العطفاوي(2) وفرقته الفدائية من الفرسان الميزابيين المرابطين على السواحل الجزائرية اتصالات بعروج آل بربروس بتونس، إذ كانت لهذه الفرقة وقائدها مشاركة في مقاومة غارة الإسبان على جزيرة جربة التونسية سنة 916هـ / 1510م. وقد كان يحكمها وقتداك أبو زكريا يحيى السمومني(3)، ويترأس سلطتها الروحية شيخ حلقة العزابة بها أبو النجاة يونس بن سعيد(4) ولقد أسفرت هذه المقاومة عن تحطم أسطول دون قارصيا دو طليطلة الإسباني.
فبعد معركة برج الجماجم التي خاضها سكان جزيرة جربة التونسية ضد الغزاة الإسبان سنة 835هـ / ق15م الذين تلقوا فيها ضربة موجعة فانصرفوا بعدها لغزو مدن ساحلية أخرى. واستطاعوا في ظرف ست سنوات ابتداء من 1505م أن يحتلوا أهم المدن الساحلية بالشمال الإفريقي.
ويذهب المؤرخون الإسبان إلى أن دوافع عدوانهم على بلاد المغرب كانت دينية حصرا، وأن الرغبة في نشر المسيحية في تلك البلاد هو ما حرك الملكة إيزابيلا والملك فيرناندو الكاثوليكيين للتوجه نحو ما يسمى بالسياسة الإفريقية.
وحتى سنة 1501 لم يستول الإسبان إلا على مدينة مليلية المغربية. غير أن ثورة المورسكيين في جبال البشرات أعطت الذريعة للمتعصبين الإسبان لحث ملوكهم على غزو بلاد المغرب.
وأراد الإسبان أن يعيدوا الكرة على جربة، فهاجمها القائد البحري بيدرو نافارو بأسطول قوامه 120 سفينة وبتعداد جيش قدره 20 ألف مقاتل، فاستطاع الإنزال على سواحل الجزيرة في 24 جمادى الأولى 916هـ/ 1510?م، لمواجهة السكان الذين لا يتجاوز القادرون منهم على المقاومة الثلاثة (3)آلاف رجل.
وفي هذه الظروف العصيبة وصل مدد بفرقة من الفرسان الميزابيين يقودهم الشيخ باحيو بن موسى المعصبي. وقد كان الشيخ باحيو بن موسى وفرسانه يباشرون أعمالهم الجهادية على سواحل المغرب الأوسط.
وقد دون الشيخ باحيو في منظومة من 29 بيتا(5) بعض التفاصيل عن هول المعركة وشراستها وكثرة جيوش العدو التي قدرها بأزيد من ثمانين ألفا، بالإضافة إلى وفرة العتاد لديه، ومحاولته العنيدة للاستيلاء على الجزيرة كما تعرض إلى هزيمة جيش العدو الفادحة.
ويذكر حمو عيسى النوري أن الشيخ باحيو موسى تناول من جملة معاركه العديدة مع العدو الإسباني ثلاثا منها بالتفصيل، غنم فيها أكثر من عشر بواخر حربية، محملة بغنائم كثيرة، وافتك من الأسر سبعمائة امرأة كان أخذهن العدو سبايا ليبيعها في سوق النخاسة.
أهل مزاب وآل بربروس في الجزائر:
كان الاتصال جاريا بين خير الدين بربروس وبعض الأعيان من أصول مزابية بجزائر بني مزغنة، فبعد استيلاء القائد الإسباني بيدرو نافارو على الجزر الأربع المقابلة لسواحل مدينة الجزائر(6)، بنى على إحداها قلعة تعرف بالبنيون (Pénion) لمراقبة المدينة ورصد تحرّكات سكانها فغدا احتلال المدينة وشيكا.
و كانت هذه المدينة تحت حكم هيئة بلدية مستقلة كان يرأسها الشيخ سيدي عبد الرحمن الثعالبي, ثم خلفه بعد وفاته سالم التومي في تعداد سكاني قدره ستون ألف نسمة يشكلون جماعات متنوعة من بربر وعرب وأندلسيين ويهود وأوروبيين.
و على وقع هجمات الإسبان سنة 925هـ/1518م واحتلال كدية الصابون بمرتفعات الجزائر، استدعى خير الدين بربروس وفدا من المزابيين على رأسهم المجاهد الشيخ باحيو بن موسى وأمين المزابيين بمدينة الجزائر بكير بن الحاج محمد بن بكير المليكي(7) يستشيرهم في الأمر، فأشاروا عليه بالقيام بعملية فدائية لإحباط التحصينات الإسبانية، والتزموا بالقيام بالمهمة، فاختاروا 70 نفرا من الشبان المتطوعين وقرروا خطة يؤخذ فيها العدو على حين غرة، تقضي بحمل السلاح على نعش والسير به إلى المعسكر الإسباني، فذهبوا بالتهليل والتكبير بصفة المشيعين لجنازة، مخترقين قوات العدو تحت سمعه وبصره على طول الطريق.
ولما بلغوا بالجنازة الوهمية المكان المحدد، صلوا عليها إيهاما للعدو، ثم أقدم أحد الفدائيين مخفيا سلاحه الناري تحت لباسه ودخل المعسكر فنسف مستودع السلاح والذخيرة وسقط شهيدا، فالتحم الطرفان وأشعل الفدائيون النار في المعدات الحربية وفي القوارب التي تصل الأسطول الإسباني بالساحل.
ولقد أكمل الفزع الذي ظهر في صفوف العدو مراحل المعركة بعد أن فتح المجاهدون أبواب المدينة وهجموا على الحامية الإسبانية التي فر قائدها (دون هوقو) مع من بقي من رجاله، وقد سجلت المعركة سقوط شهداء من عناصر المقاومة.
ويذكر صاحب « حرب الثلاثمائة سنة » هذه الواقعة التي لجأ فيها خير الدين إلى « حيلة حربية غريبة» حيث أرسل جماعة من المجاهدين الجزائريين بكل سرعة إلى ساحل البحر يقدرها المؤرخون بخمسمائة 500 رجل وما كادت الفرقة الفدائية تحل بالموقع الذي اتخذه الإسبان معسكرا لهم، والذي لم يتركوا لحراسته إلا عددا قليلا، حتى أخذوا يدمرون المعسكر ويشعلون النار في القوارب التي تصل الأسطول بالبحر، ويهددون سفن الأسطول.
وكان الإسبانيون يرون من كدية الصابون تطورات هذه العملية الخطيرة التي كادت أن تقضي على خط مواصلاتهم البحري، فوقعوا في المكيدة وارتدت قوات كثيرة منهم نحو البحر لمحاولة إنقاذ السفن والقوارب. وهكذا انقسمت قواتهم نصفين، ففتح المجاهدون أبواب المدينة فجأة فانطلقوا يهاجمون الإسبان من كل جهة، فاختل نظامهم وفقدوا مواصلاتهم ثم شلت حركة قيادتهم فأصبحوا كقطعان الغنم السائمة بين أيدي المجاهدين واخترطتهم السيوف من كل جانب وانصب عليهم وابل الرصاص فمات منهم جمع كبير ووصل الباقون منهم إلى الساحل.
وما يلاحظ هنا أن الشيخ توفيق المدني لم يخص المزابيين بالذكر، وشملهم بالهوية الجزائرية الجامعة. لكن عيسى حمو النوري يضيف أن « ما يرويه التاريخ المتواتر أبا عن جد وما ذكره مؤرخو ذلك العصر ونصوص المخطوطات فيه تفصيل لأهم ما جرى في هذه الواقعة بحيث لا يستشف من ورائه شك. »
ويعزز النوري قوله بمقولات متوارثة والتي حسبه مازال بعضها متداولا، منها «واردا المورو بورتي لوقندورا دي كولورو» ومعناها: احذر من العربي الذي يلبس عباءة ملونة، والمقصود به المزابي(8).
وإذا سلمنا جدلا بما اعتمده النوري من روايات شفوية متناقلة جيلا عن جيل، فإننا لا نعرف المؤرخين الذين يقصدهم ولم نعثر بعد على نصوص المخطوطات التي يعنيها وذلك ما لم يحدده.
حملة الإمبراطور الإسباني:
تواصل تعاون المزابيين المعبر عن صدق الولاء للدولة العلية وإيالتها بالجزائر، فبعد أن خضع عرش الحفصيين بتونس والزيانيين بتلمسان للإسبان، استرسلوا في غزوهم للسواحل المغربية بتوجيه ضربة قاضية للجزائر ما دامت وحيدة مقطوعة المدد من الشرق والغرب. فإذا تم النصر خلا الجو لهم في الحوض الغربي من البحر المتوسط وسهل عليهم بعد ذلك حصار فرنسا حليفة العثمانيين.
ورغم الاستعدادات الكبيرة التي قام بها الإسبان التي استغرقت خمس سنوات ابتداء من احتلال الإمبراطور شارلكان(شارل الخامس) لتونس سنة 1535م. وفي 1540 جاءه الدعم المالي من البابا، واستطاع الإمبراطور أن يؤلب الشعوب المسيحية على المسلمين حتى أعد جيشا ضخما من المتطوعين، وأسطولا حربيا بلغت قطعه 450 قطعة.
وفي الوقت الذي حاول فيه شارلكان وقائد حملته (أندريا دوريا) تنفيذ هجومه على الجزائر في 20 أكتوبر 1541م كان الجزائريون بقيادة حسن آغا(9) قد أكملوا كل استعداداتهم لمواجهة العدوان، فتصدوا للعدو بكل ما أوتوا من قوة وإيمان، وأمدهم الله بقوة الرياح والأمواج إلى جانبهم، واضطرب البحر حسب ما تثبته الروايات بما لم يعهد مثله، مما تسبب في عطب الكثير من سفن العدو وانحرافها، وفساد ذخيرته الحربية. وترجع امتيازات الميزابيين فيما رواه الجنرال داماس(10) إلى حادثة مفادها أنه «عندما أبحر الملك شارل الخامس خائبا بعد حملته الفاشلة، راجعا إلى إسبانيا ومخلفا وراءه نحو 4000 قتيل من جيشه، بالإضافة إلى خسائره الفادحة في المعدات الحربية والزاد والخيام، ترك في قلعة الإمبراطور(11) حامية تقدر بحوالي 1000 إسباني، وكانت تقذف يوميا نيران مدافعها على مدينة الجزائر بحيث إن الداي والسكان أصبحوا يعيشون في ضيق كبير، وعندئذ قرر بعض مئات من المزابيين رفع هذه المحنة عن المدينة، وقد اقتحمت هذه المجموعة من المزابيين المسلحين الحامية بعد أن تقمصوا زي النساء الجزائريات(12)، وقتلوا جميع الإسبانيين».
ويذكر داماس أخبارا من روايات شفوية متواترة تتحدث عن اقتحام بعض من رجال إباضيين لحصن الإمبراطور سنة1541م، وتعطي -في نظره- أدق فكرة عن محافظة المسلمين على تخليد وقائع التاريخ.
ويمضي داماس في سرد تفاصيل الأحداث بدءا بالتحصينات التي اتخذها الإسبان تحت إشراف ملكهم شاركان على التلال المشرفة على المدينة جنوبا بعد أن تمكنوا من الإنزال على ساحل الجزائر. وشرع الإسبان في قنبلة المدينة بمدافعهم مسببة أضرارا مهولة في الأرواح والممتلكات. وأصبح سقوط مدينة الجزائر محتملا في أي وقت تحت وقع وابل القذائف.
ويذكر داماس أن مجموع المقيمين في المدينة آنذاك من أهالي الجزائر والتجار والحرفيين المزابيين كان وافرا. ويذهب (سيمون بفايفر) إلى تقدير عددهم بحوالي ثمانية آلاف مزابي كانوا مقيمين في مدينة الجزائر، يمارسون، في نشاط كبير، أعمالا مختلفة، فعزم بعض الرجال منهم على إنقاذ مدينة الجزائر من هجمات الإسبان، فتوجهوا إلى الباشا حاكم المدينة وأفصحوا له عن عزمهم فرحب بالمبادرة ووعدهم بامتيازات ومكافآت.
عمد هؤلاء الشبان المزابيون إلى حيلة- وفق الرواية المشار إليها- مفادها تنكر هؤلاء الفدائيين في لباس نسوة متنقبات بنقاب كالذي تضعه النساء المغربيات، وتذكر الرواية أنهم حملوا تحت الحياك التي ارتدوها مسدسات مشحونة وخناجر محدودبة النصال مسننة الأشفار. وغادروا مدينة القصبة من « الباب الجديد » في موكب متجهين نحو الموقع المقصود. وعندما رآهم الإسبان من مواقعهم، كفوا عن إطلاق النار، ظانين أن سكان المدينة قرروا الاستسلام وطلب الأمان.
تمكن المهاجمون المتسترون من دخول الحصن دون مشقة، وما إن وطئت قدما آخرهم أرضيته، حتى انقلبوا فجأة إلى الهجوم الخاطف، فأفرغوا أسلحتهم على رجال الحامية من الإسبان، فكانت معركة رهيبة.
وفي حمأة الاشتباك استخدمت شتى أساليب المصارعة بشراسة أسفرت نهايتها عن مقتل آخر مدافع محتل لهذا المركز الحصين، ومصرع العديد من رجال بني مزاب المنتصرين عندئذ وسادة الحصن الجدد، وكان للمزابيين في هذه المقاومة دور هام تمثل في نسف دار البارود وقتل قيادات هامة من الجيش الإسباني المغير.
المزابيون من مرتبة«البَرّانِيّة» إلى دور الحلفاء:
في ولاية حسين باشا سنة 1633، تزعم الكراغلة(13) تمردا يهدف إلى الإطاحة بالباشا ووضع الجزائر تحت سلطتهم باعتبارهم أقرب إلى السكان الأصليين في الجزائر، فاعتصموا ببرج مولاي حسن(14).
ويذكر صاحب المرآة أن الباشا حسين عندما بلغته أخبار التمرد استعان بعدد من أهل مزاب المقيمين بالمدينة لإحباط المؤامرة بأن يلبسوا لباس نساء المدينة، ويخفوا السلاح والذخيرة تحت ملاحفهم ثم يتقدموا لدخول البرج. وعند دخول هؤلاء المتنكرين البرج هاجموا المتمردين على حين غفلة بمساعدة من كان يتبعهم عن كثب، فأجهضوا التمرد وأحبطوا المؤامرة.
ويبدو من خلال ما عرضنا أن خلطا وقع بين الروايات التاريخية، فتداخلت تفاصيل الوقائع. وأبرز ما يعزز هذا الرأي هو تكرار استعمال حيلة التزيي بزي النساء في أكثر من واقعة.
ولكن ما يؤكد الدور العسكري الهام للمزابيين بالجزائر المحروسة، إلى جانب دورهم الاقتصادي، ويثبت مساهمتهم في إنتاج الذخيرة الحربية، ما تشير إليه عبارة « مصنع البارود المزابي » التي تضمنها مخطط لمدينة الجزائر في بداية الفترة الاستعمارية(15).
ونتيجة لذلك كله أقرت الولاية العثمانية بالجزائر بفضل هؤلاء فتنازلت لهم عن الإشراف على بعض المرافق العمومية مثل المسالخ والرحوات والمخابز والحمامات، منها حمام فويطة وحمام سيدنا وحمام سركاجي وحمام كتشاوة، علاوة على إعطائهم جنان الفحام الكبير المحاذي لسور القصبة بمدينة الجزائر. وقد كان ذلك مكافأة لهم ولأحفادهم على هذا العمل البطولي، وقد احترم الحكام الذين تداولوا على الحكم هذه الامتيازات فبقيت متوارثة بينهم، ولا يزال عدد من الحمامات بالجزائر العاصمة إلى اليوم ملكا للمزابيين، بالإضافة إلى منحهم صفة العضوية الكاملة والدائمة لأمينهم بمدينة الجزائر لحضور المجالس الاستشارية(16).
ومن خلال وثائق الأرشيف الجزائري فإن عدد الحمامات التي أمكن التعرف عليها بلغ 74 حماما منها 62 حماما بخاريا و12 عاديا، أغلبها كانت تسير من قِبل أفراد من جماعة بني مزاب التي اشتهرت باحتراف هذه المهنة. أما أبناء البلد الأصليين فقد كان معظمهم مشتغلا بالزراعة والتجارة(17).
وحسب سيمون بفايفر، فإن حكام الجزائر منحوا للمزابيين منذ قرون امتيازات خاصة مثل إدارة الحمامات والطاحونات، والاشتغال بالخبازة والقصابة وصناعة الحلوى، ويدفعون لأمين المزابيين إتاوة شهرية مهمة يقدم منها ما يسمى بالعوائد إلى الخزينة العامة(18).
وبحكم أن المجتمع الجزائري في العهد العثماني مؤسس على اعتبار الطبقات، فإن النازحين (أو « البرانية » كما كانوا يسمون بالتعبير الدارج) إلى العاصمة ابتغاء العمل يشكلون الفئة الرابعة بعد الأتراك والكراغلة والحضر(سكان المدينة). وإذا كان لكل مدينة عمالها، فإن العاصمة خلال العهد العثماني كان لها عمال غير مقيمين بصفة دائمة، وقد كان توفير اليد العاملة للعاصمة يتم من ثلاث مناطق من الجزائر هي زواوة(القبائل) ومزاب والزيبان (بسكرة).
ويعدد (بفايفر) في مذكراته ضمن هذه الطبقة غير هذه الجهات مثل المتيجة والأغواط. ويبدو أنه كان يدخل ضمن زواوة كل العمال القادمين من المنطقة الجبلية المجاورة لمدينة الجزائر، كما كان يدخل ضمن وصف البسكري كل من جاء من جهة الصحراء الشرقية وكان أسمر أو أسود البشرة سواء كان من الزيبان فعلا أو من أهل تقرت ووادي سوف وغيرهم. أما وصف الميزابيين فالمقصود بهم أتباع المذهب الإباضي القادمون من مناطق مزاب وورقلة. وهؤلاء يتعاطون- حسب بفايفر- أكثر المهن الجيدة في المدينة، ويذكر بعض المؤرخين(19) أنهم عثروا ضمن الأرشيف العثماني ما يؤكد أن عددا من أهل مزاب يعملون في قطاعات تجارية هامة في العاصمة.
وعلى صعيد آخر يذكر الحسن الوزان أن مزاب تقع في مفترق الطرق التجارية التي يسلكها تجار الجزائر وبجاية حيث يلتقون بتجار السودان.
ويتبين مما ذكر، أن أفراد هذه الجماعة من الجزائريين ليسوا مجرد عمال نشطين يحركون دواليب النشاط الاقتصادي في الجزائر، بل تعدوا ذلك فوقعوا موقع الثقة من النظام فتشكل ما هو أشبه بالحلف، أو العصبية حسب التعبير الخلدوني، دون أن يندرجوا على الأرجح ضمن قبائل المخزن التي تعتبر اليد الطولى للسلطة المركزية في الريف الجزائري.
ولعل أحسن من يصور لنا طبيعة العلاقة التي تربط المزابيين بالسلطة ناطق باسمهم من تجار بيلك التيطري بالمدية في رسالة إلى السلطات العسكرية الفرنسية حين يقول:« فنحن بنو مزاب على ما نسمع من أوائلنا أنهم دخلوا الجزائر(العاصمة) مع الترك في يوم واحد، فصاروا يخدم (كذا)صنائعهم ويعمرون بلادهم، فنسبت تلك البلاد إلينا كما نسبت إلى الترك، فصار بيننا وبينهم حسن المعاشرة والمحبة العظيمة، فصاروا لا يأمنوا [كذا] في تلك العمالة إلا بني مزاب، ولا نباع عندهم لا بالقليل ولا بالكثير، سلطان عن سلطان، ديوان عن ديوان، لأننا كالجسد الواحد، فمن أراد شرهم أراد شرنا».
وإذا كان تجار بني مزاب وعمالهم قد وجدوا الطريق للعيش في العاصمة وقسنطينة والمدية وغيرها من مدن الشمال، فإن علماءهم قد ظلوا ينتجون علوما مختلفة ويؤلفون تآليف متنوعة(20) في يزجن وغيرها من مدن مزاب. كما تجدر الإشارة إلى أن أهل مزاب ظلوا محافظين على طابع مدينتهم الإسلامي والعتيق وعلى مذهبهم الإباضي، رغم وجود بني جلاب بتقرت من الشرق، والسعديين من الغرب.
ويذكر صاحب طلوع سعد السعود أن محمد بن عثمان الكبير باي الغرب قد فتح مزاب ضمن ما فتح من «بني الأغواط والشلالتين وعين ماضي وأبا الضروس». غير أن ما هو مشهور أن بعض الحملات العثمانية وصلت إلى تقرت ووادي سوف وورقلة، وكان مزاب حينها مواليا للعثمانيين منذ مجيئهم إلى بلاد المغرب في أول الأمر في العقد الثاني من القرن السادس عشر، وبل كانت تربطهم اتصالات بعروج منذ 1510م تاريخ حلوله بجربة التونسية كما ذكرنا سابقا.
ويلاحظ أن هذا الولاء لم يكن أمرا نفعيا عارضا، بل كان خيارا إستراتيجيا، فلقد تم تأكيده للباشا صالح رايس سنة 960هـ/1552م لما توجه إلى تقرت ثم إلى ورقلة لإخضاع أميريهما الرافضين دفع الخراج(21).
وتوالى تجديد بني مزاب لولائهم للدولة العثمانية عندما قام كل من محمد الكبير(22) باي معسكر، وصالح باي قسنطينة، ببسط سلطتهما نحو الجنوب فقد دخل الباي محمد الكبير مدينة الأغواط في28 ربيع الأول 11 فيفري 1199هـ/ 1785م، فانقادت له جميع القبائل المجاورة والتزمت طواعية بدفع الخراج.
وتجسيدا لهذا الولاء وإحقاقا للتبعية السياسية فقد التزم مزاب بواجب دفع خراج للسلطة المركزية. ويصف توفيق المدني هذه التبعية للعثمانيين بأنها « اسمية فقط… فكان استقلالهم مطلقا في بلادهم». وكان الاتفاق بينهم وبين أهل مزاب على الولاء والطاعة على أن يتولوا بأنفسهم شؤونهم الداخلية.
أما صالح باي قسنطينة فيبدو أنه لقي من حسن باشا الدولاتلي(23) داي الجزائر قبولا لطلبه إلحاق مزاب إلى ولايته بيليك الشرق ووضعهم تحت سلطته، وكان ذلك سنة 1206هـ/ 1792م. وسببه سوء تفاهم حدث بينه وبين رعاياه من التجار، على حجم الضرائب الواجب دفعها لخزينة الباي، ومن هؤلاء تجار مزاب بقسنطينة.
وسارع الداي الجديد إلى عزل صالح باي قسنطينة بعد أن عين إبراهيم بوصباع مكانه. غير أن أشياع صالح باي اغتالوا خلَفه فور وصوله المدينة، فعين الداي لبيلك الشرق بوحنك بايا جديدا مرفوقا بجيش لمعاقبة صالح باي وشيعته، وتمكن بوحنك باي من ذلك وتم إعدام الباي المخلوع.
وبعد مراسلة المجلس الأعلى لوادي مزاب الداي حسن باشا في هذا الشأن بواسطة أمين المزابيين بمدينة الجزائر إبراهيم بن صالح، انتهت بإبطال السلطة المخولة إلى صالح باي وعزله ومعاقبته. وفي هذا الصدد يقول الشيخ إبراهيم بن بيحمان(24) في مخطوطه «… فبعث حسن باشا الدولاتلي إليه باعتزاله وبمن يقوم بدله في مكانه، فاحتال… إلى قتل القادم عليه وجمع من أصحابه… فجدد إليه الدولاتلي رؤوس مملكته، فأخذوه ومزقوه تمزيقا عظيما… وفعلوا به وبدائرته ما يعتبر به جميع الأنام ».
الحياة الثقافية في الجزائر:
تطورت الثقافة في الجزائر العثمانية داخل مؤسسات المسجد والمدرسة والزاوية والمكتبة. وأغلب هذه المؤسسات كان لغرض التعليم. وكانت مؤسسة الأوقاف ترعى وتموّل هذه المؤسسات جميعا.
وقد عرفت الحياة الثقافية خلال معظم فترات الوجود العثماني ركودا ملحوظا خاصة في فنون الأدب وعلم الأنساب والتاريخ. وإذا كان جميع الجزائريين الذكور قبل الاحتلال يحسنون القراءة والكتابة، إلا أن ذلك لم يخلف حركية علمية لمسايرة النهضة الأوروبية القائمة في الفكر والصناعة. وكان غياب مؤسسة جامعة للمشتغلين بالتعليم العالي عاملا في افتقار الأدب والفكر في الجزائر إلى وحدة الأسلوب ووحدة التوجيه، إذ كانت مصادر التأثير من خارج الجزائر تبعا لمشرب كل عالم ومنهله.
وكان النشاط الفكري في مؤخرة اهتمامات الحكام الجزائريين في هذا العهد، فبغض النظر عن الجهود التي قام بها بعض البايات أمثال محمد الكبير أو صالح باي وهي فردية ونادرة وليست قائمة على سياسة مستمرة ومرسومة، وقد دام حكم محمد باشا خمسا وعشرين سنة، دون أن يعرف عنه أنه قدم شاعرا أو أجاز كاتبا على تأليف أو كافأ مبدعا، أو شجع حركة التعليم. ونفس الشيء يقال عن حسين باشا الذي بقي في الحكم اثنتي عشرة سنة.
وبالإضافة إلى ضعف مستوى الثقافة، وإلى منافسة اللغة التركية، بل واللغات الأوروبية الأخرى(25) للغة العربية في الدواوين وفي المجالس الرسمية وفي التجارة، فإن هناك بعض اللهجات المحلية التي كانت أيضا تزاحم اللغة العربية، فبعض مناطق الأوراس وجرجرة ومزاب كانت تتكلم اللهجات المحلية ولم يكن هذا مقصورا على الطبقة العامة، بل كان موجودا عند العلماء أيضا.
وفي الإشارة إلى أهمية بعض المكتبات الريفية المتفرقة في أنحاء البلاد لابد لنا من التنويه بمكتبات مزاب التي كانت يزجن بالخصوص تشتهر بها والتي حافظ عليها أصحابها كعائلتي الثميني وأطفيش بكل غيرة وعناية وقد كانت تْوَاتْ مركزا هاما لحركة الكتاب في غرب الجزائر وجنوبها، وكذلك كان الحال في مكتبات زواوة وبجاية وورقلة وغيرها. ووفرة الكتب في الجزائر حتى في المناطق النائية فيها يدل دلالة واضحة على أن الإنسان الذي حافظ على كل ذلك القدر من المكتبات كان على درجة كبيرة من التحضر خلافا لزعم الفرنسيين عند احتلالهم للجزائر.
العدوان الفرنسي على الجزائر
وعلى إثر العدوان العسكري الفرنسي والإنزال الذي شهدته شبه جزيرة سيدي فرج بالضواحي الغربية لمدينة الجزائر، راسل الباشا حسين دا ي الجزائر سائر النواحي الجزائرية. وقد تولى الآغا أفندي إبراهيم قيادة الجيش الجزائري الذي كان ينضم إليه في كل يوم بضعة آلاف من العرب والقبائل والأعراش بقيادة باياتهم وشيوخهم أو خلفائهم فوصل باي قسنطينة إلى سطح الوالي (سطاوالي) مع حوالي 12000، وباي التيطري مع 8000 وخليفته مع 3000 وخليفة باي وهران مع6000، ومع شيوخ القبائل(26) مابين 16000 و18000، وأمين الميزابين مع حوالي 4000 مجاهد. وهذا حسب تقديرات الطبيب الألماني (سيمون بفايفر). ولا ندري ما معتمد الشيخ توفيق المدني في تقدير تعداد مساهمة المزابيين في جيش المتطوعين، حين أحصى عددهم بألف رجل.
وهكذا أصبح الجيش الجزائري بإضافة حرس الآغا أفندي وسكان الجزائر الذين تواصلوا إلى المعسكر بدفعات كثيرة، يضم 50 ألف رجل على الأقل. ويبدو أن لا الداي ولا الآغا إبراهيم يعرف مقدار القوات الجزائرية المحاربة
وتذكر بعض الروايات والمراجع أن المجاهدين المزابيين استماتوا في الدفاع في الساعات الأولى من الهجوم على الجيش الفرنسي، وقد سقط منهم عدد كبير في ميدان الشرف، ولهؤلاء مقبرة في سطاوالي اختفت معالمها.
ويورد الشيخ النوري شهادة غريبة يتعين التحقق منها، نقلا عن الجنرال (فيفان) وزير المستعمرات الفرنسي في قوله: «نحن الفرنسيين نعلم أن الجزائر لم يدافع عنها بحق إلا المزابيون، فإن آخر قوة بقيت تدافع بعد استسلام الداي، استمرت ترسل نيران مدافعها هي قوة المزابيين بجبل سيدي بنور»(27).
و سقوط مدينة الجزائر في الخامس من جويلية 1830 في يد الجيش الفرنسي امتد وقع الخبر إلى مزاب، فأضرب السكان هناك عن إيقاد النار في بيوتهم ثلاثة أيام، تقديرا لفداحة الخطب وهول الكارثة، واستعدادا لمواجهة المرحلة الجديدة.
ولا نستغرب استماتة المزابيين في الدفاع عن البلاد التي تعتبر موردا لأرزاقهم، فضلا عن أنها بلاد إسلامية، وهذا قبل أن تتبلور معاني الوطنية الجامعة التي توحد مشاعر الشعب وتحدد أهدافه في إطار الحركة الوطنية الشاملة.
قائمة المراجع:
1. الآغا بن عودة المزاري، طلوع سعد السعود في أخبار وهران والجزائر وإسبانيا وفرنسا إلى أواخر القرن التاسع عشر، تحقيق ودراسة د. يحي بوعزيزج1، ط1، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1990.
2. أبو اليقظان ابر هيم، ملحق السير، مخ.
3. بن بيحمان إبراهيم، مجموع قصائد الشيخ ورسائله (مخ)
4. بفايفر سيمون، مذكرات جزائرية عشية الاحتلال، ترجمة وتقديم وتعليق د. أبو العيد دودو، دار هومة، الجزائر، 1998.
5. جمعية التراث، معجم أعلام الإباضية، أعلام المغرب. دار الغرب الإسلامي، بيروت.
6. خوجة حمدان، المرآة، تعريب د. محمد العربي الزبيري، ANEP، الجزائر 2005.
7. رصيد مكتبة الشيخ عبد الرحمن حواش، ملف Occupation، رقم18 /1324، مجهول، رسالة من أحد أعيان المدية المزابيين إلى السلطات الفرنسية، (غير مؤرخة لكن يرجح أنها كتبت في أواخر الأربعينيات أو أوائل الخمسينيات من القرن ال19)، ورقتان.
8. مجهول، غزوات عروج وخير الدين، تحقيق نور الدين عبد القادر، الجزائر، 1934م.
9. وثيقة، نهاية صالح باي كما أثبتها أحد الكتاب القسنطينيين، نقلا عن د. ناصر الدين سعيدوني ورقات جزائرية، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 2000
10. وثيقة بتاريخ 1237هـ/ 1821م في دفتر محكمة المدية أواخر العهد العثماني 1821- 1839، نقلا عن د. أبو القاسم سعد الله، أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر، ج2، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1990.
11. وثيقة نص معاهدة الحماية (29 افريل1853)
12. الوزان الحسن، وصف إفريقيا، ج 2.
13. ابن أشنهو (عبد الحميد بن أبي زيان)، دخول الأتراك العثمانيين للجزائر، الجزائر، بدون تاريخ.
14. ابن يعقوب سالم، تاريخ جربة.
15. بوحوش (د. عمار)، التاريخ السياسي للجزائر، ط1، دار الغرب الإسلامي، بيروت 1997
16. بونار رابح، المغرب العربي تاريخه وثقافته، ط3، دار الهدى، الجزائر، 2000.
17. الجعبيري (د فرحات)، نظام العزَّابة في جربة.
18. الحاج سعيد (يوسف بن بكير)، تاريخ بني مزاب، المطبعة العربية، غرداية.
19. سعد الله (د. أبو القاسم)، أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر، ج2، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1990.
20. سعد الله (د. أبو القاسم)، تاريخ الجزائر الثقافي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1998.
21. سعيدوني (د. ناصر الدين)، النظام المالي للجزائر في الفترة العثمانية، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، 1979.
22. ورقات جزائرية ط1 دار الغرب الإسلامي بيروت 2000.
23. النوري حمو عيسى: نبذة من حياة الميزابيين السياسية والعلمية، ج1، دار كروان، باريس.
24. فركوس صالح، تاريخ الجزائر من ما قبل التاريخ إلى غاية الاستقلال، دار العلوم للنشر والتوزيع، عنابة، 2005.
25. القرادي (الشيخ)، الشيخ القرادي حياته وآثاره، تقديم د. محمد ناصر، نشر جمعية النهضة.
26. المدني (أحمد توفيق)، حرب الثلاثمائة سنة بين الجزائر وإسبانيا، ط3، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، 1984م
27. كتاب الجزائر، المطبعة العربية، 1931.
28. محمد عثمان باشا.
29. مؤنس(د. حسن)، تاريخ المغرب وحضارته، ج 3، ط1، العصر الحديث للنشر والتوزيع، بيروت، 1992.
30. Damas,Mœurs et coutumes d’Algérie, Hachette,1835
31. Haedo, Histoire des Rois.
32. Ravenet, Une épisode de l’expédition de1541 contre
33. Alger in Revue africaine, 3&4ème trim. 1931.
————-
هوامش
1- وجدنا آثاره، لكننا لم نعثر عليه، وقد وردت في فقرات نص وثيقة معاهدة الحماية (29افريل1853) في زمن الاحتلال الفرنسي ما يدل على ذلك.
2- الشيخ باحيو بن موسى (حي في: 916هـ / 1510م)كان من أهل الحرب والبيان، أوتي قوَّة وفصاحة دافع بهما عن الحقِّ. وقد استدعاه خير الدين بربروس إلى قصره، بعد إحساسه الخطر المحدق على العاصمة، فكانت له المهمة الرئيسة في تكوين مجموعة من الفدائيين المزابيين، وهزموا الإسبان بحيلة بتاريخ 925هـ/24 أوت 1518م، أطنبت المصادر في ذكر تفاصيلها. وذكر أبو اليقظان أنه كوَّن جيشًا من الصحراء الجزائرية، وقاده للمشاركة في الحرب ضدَّ الإسبان لمَّا استولوا على جزيرة جربة عام 927هـ/1520م. نظم قصيدة موجودة في وقائع هذه الحرب أورد منها الشيخ أبو اليقظان في ملحقه تسعًا وعشرين بيتًا. وبالعطف مسجد يحمل اسمه يزار للعبرة والذكرى. انظر معجم أعلام الإباضية، أعلام المغرب،
3- أبو زكريا يحيى السمومني من مشايخ الحُكم بجزيرة جربة بتونس. استعان الشيخ يونس بن سعيد الصدغياني بأسرته لكفاءتها السياسيَّة والقياديَّة. قاد معركة ضدَّ الإسبان، بصفته شيخ الجزيرة، عام 916هـ/1510م، أثناء هجومهم على جربة وسواحل المغرب الإسلامي. انظر: سالم بن يعقوب، تاريخ جربة، ص114، / الجعبيري، نظام العزَّابة، ص 213 و310، / الحاج سعيد، تاريخ بني مزاب، ص 78/. معجم أعلام الإباضية، أعلام المغرب، ص
4- أبو النجاة يونس بن سعيد بن يحيى بن تعاريت الخيري الجربي (ق: 10هـ / 16م)اشتهر من بين علماء جربة وأبطالها المجاهدين بابن تعاريت. أخذ العلم عن الشيخ أبي القاسم زكرياء بن أفلح الصدغياني، وأبي محمَّد عبد الله بن أبي القاسم البرادي. ورحل إلى جبل نفوسة فدرس على الشيخ أبي عفيف صالح بن نوح التندميرتي. ثمَّ رجع إلى الجزيرة وتولَّى التدريس في جامع تجديت، بحومة «فاتو» من جهة صدغيان. تخرَّج على يديه جمع من الأعلام، كانت لهم يد في إصلاح المجتمع في جربة ونفوسة ومزاب، منهم: أبو يوسف يعقوب بن صالح التندميرتي شيخ أبي العباس الشمَّاخي، وإبراهيم بن أحمد أبو الأحباس، وسلامة بن يوسف الجناوني، وأبو عثمان سعيد بن علي الجربي، الذي أُرسِل لنشر العلم بميزاب، بعد أن أطبق عليه ظلام الجهل. تولَّى أبو النجاة رئاسة حلقة العزَّابة في جربة سنة 908هـ/1497م. وكانت له السلطة العليا في شؤون أهل الجزيرة، لا يقضى بأمر دون مشورته، وتحت إشرافه تعقد المجالس وتتَّخذ القرارات. قاد الجيش الذي صدَّ هجوم الإسبان على الجزيرة، وكان يومئذٍ شيخَ الحكم بجربة أبو زكرياء السمومني، وذلك سنة 916هـ/1511م. وقد دحر الجربيون الإسبان، وحطَّموا 18 سفينة من أسطولهم، وغنموا من الأموال الكثير، وكان الإسبان قد استولوا قبل ذلك على وهران وبجاية. ترك الشيخ أبو النجاة فتاوى وأحكامًا، سجَّلها تلميذه سلامة الجناوني، وجمعها بعنوان: «تقييدات مسائل». وله «تعاليق على كتاب شرح الجهالات» لأبي عمَّار عبد الكافي. لا تزال مخطوطة. وهو مِمَّن جازت عليه سلسلة نسب الدين، التي تعتبر نوعا خَاصًّا من الإجازة لدى علماء الإباضية. انظر معجم أعلام الإباصية، م. س. ص.
5- نص المنظومة بأبياتها الثلاثين نشرها حمو عيسى النوري في كتابه نبذة من حياة الميزابيين ج1 ص 224-225.
6- كانت تسمى بجزائر بني مزغان في عهد الزيريين حسب ابن حوقل وهي أصل تسمية المدينة في العهد العثماني.
7- هو من مليكة بمزاب، كان أمين المزابيين بالجزائر العاصمة، ورئيس جماعتهم. وقد استدعاه خير الدين بربروس (ت: 953هـ/1546م) إلى قصره في مهمَّة سياسية، وذلك عند هجوم الإسبان وإحاطتهم بالعاصمة، فساعده بتكوين فرقة من الفدائيين المزابيين، فتمَّ النصر لهم -بالحيلة – على عدوِّهم بتاريخ 925هـ/24 أوت 1518م، ذكره الشيخ أبو اليقظان في ملحق السير، انظر معجم أعلام الإباضية، ص.
8- لا يزال أفراد وعناصر الفرق الفولكلورية للبارود بمزاب يلبسون هذه العباءة المزركشة والملونة.
9- حسن آغا ولد في1466م وتوفي في 1560م، أصله من جنوة الإيطالية وهو أشهر حكام الجزائر بعد خير الدين بربروس في القرن السادس عشر للمزيد انظر عبد الحميد بن أبي زيان بن أشنهو، دخول الأتراك العثمانيين للجزائر، الجزائر، بدون تاريخ، ص. 191.
10- الجنرال داماس مدير الشؤون الجزائرية في وزارة الحرب الفرنسية
11- ويطلق عليها اسم برج بوليلة إشارة إلى سرعة إنجازه، وسينسب فيما بعد إلى مولاي حسن الذي أعاد بناءه حسن باشا سنة 1573، في الموقع الذي أقام عليه الإمبراطور شارل الخامس مقر قيادته عام 1541 للاستيلاء على مدينة الجزائر. انظر الحاج سعيد ص 93.
12- تقول الرواية في تفاصيل الواقعة التي سماها بفايفر بالأسطورة: فأرسلوا ذات مساء عددا من النساء الجزائريات إلى باب القلعة ولما وصلن إليه أخذن ينحبن ويصرخن طالبات من رجال الحامية الإسبانية أن يسمحوا لهن بالدخول إلى البطارية وإلا فإنهن سيهلكن لأنهن فررن من سوء معاملة أزواجهن القساة عليهن. فتأثر الإسبان ببكائهن وفتحوا لهن الباب… انظر: س. بفايفر المصدر السابق، ص. 164
13 – الكراغلة هم عناصر تركية من أمهات جزائرية.
14- بناه حسن باشا سنة 1573، في الموقع الذي أقام عليه الإمبراطور شارل الخامس مقر قيادته عام 1541 للاستيلاء على مدينة الجزائر. انظر الحاج سعيد، المرجع السابق، ص 93.
15 – جاءت هكذا بالفرنسية:Poudrière mozabite.
16- سيمون بفايفر، مذكرات جزائرية عشية الاحتلال، ترجمة وتقديم وتعليق د. أبو العيد دودو، دار هومة، الجزائر، 1998، ص164. والشيخ القرادي المرجع السابق، ص 176
17- ومن أهم هذه الحمامات نذكر على سبيل المثال لا الحصر حمام سيدي بوقدور بالقرب من سيدي محمد الشريف وحمام سيدنا بالقصبة وحمام البلي بالقصبة وحمام الآغا بالقصبة العليا وحمام حمزة خوجا وحمام خويطة (أو حمام عبدي باشا) وحمام السبوعه (أوالأسود) وحمام كوشة موسى وحمام باب الوادي، وحمام سيدي عبد القادر وحمام الصباغين وحمام الصغير وحمام المالح وحمام الجنينة وحمام باب عزون وحمام سوق الكتان وغيرها. انظر: د. ناصر الدين سعيدوني، ورقات جزائرية ط1 دار الغرب الإسلامي بيروت 2000 ص 415-416
18- سيمون بفايفر، المصدر السابق، ص. 163، ود. ناصر الدين سعيدوني النظام المالي للجزائر في الفترة العثمانية، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، 1979، ص 41 ود. عمار بوحوش، التاريخ السياسي للجزائر، ط1، دار الغرب الإسلامي، بيروت 1997.
19- منهم الأستاذ الدكتور أبو القاسم سعد الله.
20- أبرز علماء هذا الزمان امحَمَّد بن يوسف بن عيسى بن صالح بن عبد الرحمن بن عيسى بن إسماعيل بن محَمَّد بن عبد العزيز بن بكير الحفصي، اطفيَّش (و: 1237هـ / 1821م – ت: السبت 25 ربيع الثاني 1332هـ / 1914م). من عائلة شهيرة بالعلماء من بني يسجن، من عشيرة آل بامحمَّد، وينتهي نسبَه إلى عمر بن حفص الهنتاتي، من العائلة الحفصيَّة المالكة بتونس بين (625-983هـ/ 1229-1574م)، ولد بغرداية لَمَّا انتقل إليها والده، وعاش بها طفولته الأولى، وفي الرابعة من عمره توفِّي والده، وتركه يتيما تحت كفالة والدته. توسَّمت فيه بوادر النبوغ، فعهدت به إلى أحد المربِّين لحفظ القُرْآن، فختمه وحفظه وَهو ابن ثمانِ سنوات، ففتح له مجال العلم، وسارع إلى دور العلماء وحِلَق الدروس بالمسجد. فأخذ مبادئ النحو والفقه عن أخيه الأكبر: إبراهيم بن يوسف. وتلقَّى مبادئ المنطق عن الشيخ سعيد بن يوسف وينتن. وكان يحضر حلقة الشيخ عمر ابن سليمان نوح مع أخيه إبراهيم، وحلقة الشيخ الحاج سليمان بن عيسى في دار التلاميذ اليسجنيِّين. كما كان يحضر دروس الشيخ بابا بن يونس في مسجد غرداية.
بعد أخذه لِهذه المبادئ، شمَّر على ساعد الجدِّ والتحصيل، بعزيمة لا تعرف الملل، يؤازره ذكاء حادٌّ، وذاكرة وقَّادة، ورغبة في العلم لا تعرف الحدود. نشأ عصاميًّا، لم يسافر للدراسة خارج موطنه، وجعل دأبَه الحرصَ على اقتناء الكتب واستنساخها، يجتهد في طلبها واشترائها من كُلِّ البلدان، رغم قِلَّة ذات اليد، وصعوبة الاتِّصَال. فتجمَّعت لديه مكتبة غنيَّة، تعتبر فريدة عصرها بالنظر إلى ظروف صاحبها، وبُعده عن مراكز العلوم والعمران. وَمِمَّا ساعده على التحصيل: اقتناؤه لبعض خزائن العلماء، منها خزانة الشيخ ضياء الدين عبد العزيز الثميني، وقد تَزَوَّجَ امرأة علِمَ أنَّهَا تملك مكتبة ثريَّة ورثتها عن أبيها. وما كاد يبلغ السادسة عشرة، حَتَّى جلس للتدريس والتأليف، وَلَمَّا بلغ العشرين أصبح عالِمَ وادي ميزاب، ثمَّ بلغ درجة الاجتهاد المطلق في كهولته، كما يذكر ذلك بنفسه في كِتَابه: «شامل الأصل والفرع».
أنشأ القطب معهدا للتدريس ببني يسجن، تخرَّج فيه علماء ومصلحون ومجاهدون، انبثُّوا في أقطار المغرب والعالم الإسلاميِّ. له منهج في التدريس يعتمد على استغلال الوقت، . تستمرُّ دروسه طيلة أَيَّام الأسبوع، من الضحى إلى الزوال، إِلاَّ يوم الجمعة، ثمَّ دروس في المساء بعد العصر. ولا يدرِّس في اللَّيل إِلاَّ الغرباء والنجباء والمتفوِّقين؛ لأنَّه كان يخصِّص اللَّيل للتأليف والإجابة عن الرسائل والاستفتاءات المتهاطلة عليه؛ وكان غزير المَادَّة، طويل النفَس، متفانيا في العلم، يدرِّس أحيانا أحد عشر درسا مختلفا في اليوم الواحد. ويولي عناية خَاصَّةً لأسئلة تلاميذه، فيكتبها ويحقِّق مسائلها، ولا يعجز عن الرجوع إلى المصادر، ولو أثناء الدرس.
بهذا المنهج في التعليم، والسعة في العلم، انهال عليه الطلبة من مختلف الأقطار الإسلاَمِيَّة، وصدروا عنه، وكلُّهم رجال عاملون في مختلف مواقع الحياة: تأليفا، وتعليما، وقيادة، وقضاء، وإصلاحا. وبلغ عدد تلاميذه العشرات، من أشهرهم:
من ميزاب:
إبراهيم اطفيَّش، أبو إسحاق: نزيل القاهرة العالم المحقِّق، إبراهيم الابريكي. إبراهيم بن عيسى أبو اليقظان رائد الصحافة العَرَبِيَّة في الجزائر. اعمارة بن صالح بن موسى. بابكر بن الحاج مسعود. داود بن سعيد بن يوسف. صالح بن عمر لعلي. عمر بن حمُّو بكلِّي. عمر بن يحيى ويرو المليكي. محَمَّد بن سليمان ابن ادريسو. الناصر بن إبراهيم الداغور. يوسف حدبون.
أَمَّا من ليبيا: فيُذكَر المجاهد بالسيف والقلم الداعية: سليمان باشا الباروني.
ومن تونس: المؤرِّخ سعيد بن تعاريت.
ومن المدينة المنوَّرة: أحمد الرفاعي.
وغيرهم كثير مِمَّن بلغ المشيخة.
تآليفه:
ومن أهمِّ آثار الشيخ اطفيَّش تآليفه التي أغنى بها المكتبة الإِسلاَمِيَّة، كمًّا ونوعا، إذ تبلغ الثلاثمائة مؤلَّف، ما بين كِتَاب ورسالة.
وصفه تلميذه أبو اليقظان بِأنَّهُ «لا يُعرف إِلاَّ في تدريس علم، أو تأليف كتب»، فألَّف في بني يسجن، والقرارة، ووارجلان، وبريان، والحجاز، وَفي السفينة قاصدا الحجَّ. وشملت تآليفه مختلف فروع المعرفة، في المنقول والمعقول:
في تفسير القُرْآن، وفي التجويد وفي الحديث وفي السيرة النَّبَوِيَّة وفي التوحيد وعلم الكلام وفي أصول الفقه وفي الفقه: وَهو أوسع مجالات تأليفه وفي البلاغة وفي المنطق وفي الطبِّ والفلك والحساب وفي الشعر وفي الخط. أما-في التاريخ فقد ألف
* «إزالة الاعتراض عن محقِّي آل إباض»، (مط).
* «الإمكان فيما جاز أن يكون أو كان»، (مط).
* «الرسالة الشافية في بَعض تواريخ وادي ميزاب»، منه نسخة مختصرة (مط)، وأخرى موسَّعة (مخ).
* «السيرة الجامعة من المعجزات اللامعة»، (مط).
«الغَسول في أسماء الرسول»، (مط).
وله تآليف في مواضيع أخرى مختلفة منها:
* «تفسير ألغاز»، (مط).
* «خطبتا العيدين»، (مخ).
* «شرح المخمَّسة»، (مخ).
* «شرح لغز الماء»، (مط). وَهو حلٌّ للغزٍ نال به وساما عالميًّا، عجز عن حلِّه علماء العالم.
له من الأجوبة والفتاوي عدد هائل، جمع بَعضها الشيخ عمر بن يوسف اليسجني، ولا يزال أغلبها مخطوطا، ومتفرِّقا بين المكتبات، وتعدُّ مرجعا فقهيًّا هامًّا، خَاصَّةً في نوازل عصره، نذكر منها ما يلي:«أجوبة لأهل عُمان»، (مخ). «جواب أهل زوارة»، (مط).
«جواب إلى محَمَّد بن عبد الله الخليلي»، (مخ). «جواب مشايخ مَكَّة»، (مط). راسل القطب علماء من مختلف مدن الجزائر، ومن= =خارجها. راسل شخصيَّات من البحرين، والحجاز، وعُمان، ومصر، وتونس، وجبل نفوسة، وجربة، والجزائر، وفاس، والقسطنطينيَّة، وَبَعض العواصم الأوروبيَّة. ولو جُمعت هذه الرسائل لألَّفت مُجَلَّدات فيها من أنواع العلوم، والأخبار التَّارِيخِيَّة الهامَّة، ما يصلح لدراسات أكاديميَّة متخصِّصة، نذكر منها على سبيل المثال:«رسالة إلى الوالي العام الفرنسي بالجزائر»: مؤرَّخة في ربيع الأَوَّل 1304هـ بقسنطينة، محفوظة في أرشيف إكس أون بروفونس. و«مجموع الرسائل»، (مخ). و«مجموع رسائل بين القطب والإدارة الاستعماريَّة»، (مخ). ولم يقصر الشيخ جهوده في هذا المجال، بل اهتمَّ بالإصلاح الاجتماعيِّ، ومحاربة الجهل والبدع، وَتولَّى= =رئاسة مجلس العَزَّابَة ببني يسجن. كما تولَّى منصب القضاء، ثمَّ اعتزله لَمَّا بسط الاستعمار الفرنسيُّ نفوذه على منطقة ميزاب سنة 1882م. وكان القطب عدوًّا عنيدا لفرنسا، وَمِمَّن وقف بقوَّةٍ في وجه الاحتلال، ودعا إلى مقاطعة المستعمر وعدم التعامل معه، وكان مؤيِّدا للخلافة العثمانيَّة – على ما داخل نظامها من انحراف – لأنَّهَا كانت تمثِّل وحدة المسلمين. له مراسلات مع السلطان عبد الحميد الثاني
شهد له بالرسوخ في العلم علماء كثيرون: منهم الشيخ محَمَّد عبده، والشيخ زيني دحلان، وَبَعض علماء الحجاز.
ولقَّبه الشيخ نور الدين السالمي – مجدِّدُ العلم بعُمان – ب«قطب الأيمَّة».
توفِّي بمرض دام أسبوعا، بعد أن قضى قرابة قرن في الجهاد العلميِّ، والإصلاح الاجتماعيِّ. للمزيد انظر معجم أعلام الإباضية، المرجع السابق.
21- بعد دخول صالح رايس المدينتين أصبحتا تدفعان الخراج، حيث حدد خراج تقرت ب 15أمة، وخراج ورقلة ب30عبدا، أما خراج مزاب فقد حدد ب 12عبدا و12 أمة.
22 – محمد الكبير باي معسكر وفاتح وهران في 1792،
23- حسن الدولاتلي خلف الداي محمد عثمان باشا إثر وفاته في ذي القعدة 1205هـ /12 جويلية 1791م بعد أن رشحه لهذا المنصب. انظر:رابح بونارر، المغرب العربي تاريخه وثقافته، ط3، دار الهدى، الجزائر، 2000، ص. 379.
24 – إبراهيم بن بيحمان ابن أبي محمد بن عبد الله بن عبد العزيز الثميني اليسجني من علماء بني يسجن البارزين، أخذ العلم عن خاله الشيخ عبد العزيز الثميني (ت: 1223هـ/1808م)، وعن الشيخ أبي زكرياء يحيى بن صالح الأفضلي (ت: 1202هـ/1787م). هو من أنصار النهضة الإسلامية الحديثة، والدعاة لها بالخطب والوعظ والإرشاد، فكان يتنقَّل بين مدن وادي ميزاب يدعو إلى العلم ويحارب الجهل والبدع. له تلاميذ كثيرون، وكانت له صلات وثيقة بعلماء الجزائر والمغرب وعُمان، فكان يراسل الإمام سليمان بن عبد الله الإسماعيلي إمام سلطنة عمان؛ كما أنَّ له مراسلات إلى البايات والدايات الأتراك – باسم مجلس عمِّي سعيد، الذي كان كاتب تقاريره – منها رسالة بتاريخ 1206هـ/1791م أرسلها إلى داي الجزائر الحسن الدولاتي، يستعطفه فيها، طالبا منه التدخُّل والحيلولة دون قبول الطلب الذي تقدَّم به باي قسنطينة – الباي صالح – لبسط نفوذه على الرعايا الميزابيين. وقد حُفظت لنا كلُّ هذه المراسلات في مخطوطات بخطِّ يده. وهو شاعر تمتاز قصائده بقيمتها التاريخية، وإن لم ترق إلى مستوى الشعر الجيد من الناحية الأدبية. له مؤلفات عديدة، نذكر من بينها:
*تفسير آيات النور من سورة النور، وتفسير سورة الفاتحة، وتفسير سورة العصر سماه: «أصداف الدر وأكمام الزهر الموضوعة على سورة العصر»(مخ).
*«حاشية على تفسير أنوار التنزيل وأسباب التأويل» (مخ)، منها نسخة بمكتبة الاستقامة. * «شرح موازين القسط» لأبي مهدي عيسى بن إسماعيل (مخ). * «الرحلة الحجازية» نثرًا ونظما (مخ).
* شرح مجموعة من الأحاديث (مخ).
*تلخيص عقائد الوهبية في نكتة توحيد خالق البرية» (مخ)
*قصائد عديدة منها: قصيدة البردة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم طبعت سنة 1387م/1967م. وقصيدة في رثاء شيخه عبد العزيز الثميني، وأخرى إلى حاكم الجزائر الحسن باشا الدولاتلي (مخ). انظر: معجم أعلام الإباضية
25- كان بعض الباشوات يتكلمون لغات أوروبية لأنها لسانهم الأم.
26- يطلق لفظ القبائل في هذه الفترة على سكان الجبال المحيطة على الجزائر المحروسة(دار السلطان) من الشرق والغرب والجنوب.
27- إحدى مرتفعات مدينة الجزائر المطلة على البحر.
_______________________________________________
نشر المقال في دورية الحياة، العدد: 12، 1429هـ/2008م، ص 121-143.

About ilyes

2 comments

  1. Said Boulerouah

    We should teach this to our children at the school

  2. صالح الغيور

    لاشك ان ماقام به بنو ميزاب في العهد العثماني من بطولات مشهودة موثقة ليس في المصادر والمراجع العربية فحسب بل حتى في الاجنبية منها والارشيف العثماني في اسطنبول الذي ينتظر من يكشف الغطاء عنه ،والاستاذ يسرد تاريخ البطولات وانا اتخيلها صالحة لأن تكون فيلما سينمائيا ضخما بسيناريو اقلام المؤرخين مع كبار المخرجين والمنتجين والمؤرخين لم لا

%d blogueurs aiment cette page :